أنا الحبيب المطاوع


ضيف الله مهدي

في أغلب سفرياتي بمفردي على خط الساحل ، لا تكون سفرة عادية .. لكن عندما يسافر معي الأبناء فيختلف السفر !!

الأربعاء الموافق ١٤٤١/٣/٣٠هـ ، خرجت من بيتي التاسعة والنصف صباحا ويممت شمالا متجها إلى جدة ، كانت الأذكار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تغلب وتغالب القلب القلب واللسان فبقيت مستمسكا إلا من زيارات ذاكرة متعبة فقد وصلت إلى مركز أمن الطرق فعادت بي الذاكرة إلى أول رحلة أقود فيها سيارتي متجها إلى القحمة في يوم خميس لحضور برنامج إرشادي في عام ١٤١٠هـ ، كان يترأسه الدكتور إسماعيل مفرح .. كان يرافقني أستاذ مصري يقوم بعمل المرشد في أحد مدارس بيش .

تداعت الذكريات معها ومع الخط الدولي وأسمع صوت يردد بصوت خافت أنا الحبيب المطاوع .. ماني مخبي عليك .. أشتاق لك وأنته بقربي .. وإن غبت أسأل عليك !!

تتداعى المعاني في خاطري مع الخط الدولي فأتذكر أول مرة أسير على الخط في سيارة ( شاصٍ طويل ) - ذَا الإسم جملة موسيقية - كان الشاص للراحل محمد أبو عماش ونحن فريق كرة القدم بمتوسطة بيش وأستاذنا الرياضي الشناوي أحمد الشناوي . زملائي في الفريق معي.

أرفع الصوت لصوت الأرض أنا الحبيب المطاوع فأرى نفسي أسجل هدفا في مدرسة الشقيق . أنا الحبيب المطاوع وتذهب الأيام سريعا كيف ذاك المراهق أصبح الشيب يملأ وجهه ورأسه .

ما رضي قلبي ينام وهو بعيد

وتتداعى المعاني ، وصوت الأرض : إن جت مسافر يا روحي .. توحشني دايم عنيك .. أكبر مصيبة فراقك يا اللي هناي بيديك .. أرفع الصوت مرة وأخفضه مرة  .. أرى خروجنا من بيش في يوم صباح جميل أنا وزملاء وأخي متجهين إلى جدة ، وتفيض عيني بالدمع .. عساك تسلم حبيبي .. وتعيش لي ما حييت أقضي عمري بجنبك .. في عش وإلا في بيت

وتزداد الدموع فتحجب الرؤية ..

وتتداعى المعاني ، ويخطفني منظر الخضرة والإخضرار على جوانب الطريق ، وقد نزلت الأمطار وارتوت الأرض والحقل هناك وهناك ، وهناك تسير وهنا تسيل !!

أصل إلى جدة ولأول مرة في حياتي لا أشعر بتعب قيادة السيارة ولَم تؤلمني ركبتي ولَم تنم رجلي وكأني جئت طيران .

ذهبت أؤدي الواجب الذي سافرت من أجله وعدت .. وما رضي قلبي ينام وهو بعيد !!

أحدث أقدم