وصف المدون

.bigmag-post-author { display: none; }
الصفحة الرئيسية غير مصنف تقلبات المزاج عند كبار السن: فهم الأسباب والعلاج من منظور علم النفس

تقلبات المزاج عند كبار السن: فهم الأسباب والعلاج من منظور علم النفس

تعد مرحلة الشيخوخة مرحلة طبيعية من مراحل الحياة ولكنها تحمل معها تحديات نفسية وجسدية قد تؤدي إلى تقلبات واضطرابات في المزاج لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاما من الضروري التأكيد كما يشير علماء النفس والمنظمات الصحية أن هذه الاضطرابات جزءا طبيعيا وحتميا من التقدم في العمر بل هي في الغالب أعراض يمكن تشخيصها وعلاجها

الأسباب النفسية والاجتماعية لتقلبات المزاج

يشير الخبراء إلى أن تقلبات المزاج لدى كبار السن غالبا ما تكون مؤشرا على اضطرابات نفسية شائعة أو استجابة لتغيرات حياتية جذرية من أبرز هذه الأسباب:

1 الاضطرابات النفسية الأساسية:

  • الاكتئاب والقلق يعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا حيث يؤثر على نسبة كبيرة من البالغين فوق سن الستين قد لا تظهر أعراض الاكتئاب لدى كبار السن على شكل حزن واضح بل قد تتجسد في مشكلات في الذاكرة أو تغيرات في الشخصية أو آلام جسدية غير مبررة أو سرعة في الانفعال والتهيج مما يفسر تقلبات المزاج الحادة كما يرتبط القلق في كثير من الأحيان بالاكتئاب

  • الاضطراب ثنائي القطب والخرف يمكن أن يتسبب الاضطراب ثنائي القطب في تقلبات مزاجية حادة بين الهوس والاكتئاب بالإضافة إلى ذلك تؤدي حالات التدهور المعرفي مثل الخرف ومرض الزهايمر إلى تغييرات في السلوك والمزاج حيث يشعر المسن بالارتباك والخوف مما يؤدي إلى نوبات من الغضب أو الحزن أو القلق

2 التغيرات الحياتية والخسارة:

تفرض مرحلة الشيخوخة العديد من التحديات الاجتماعية والعاطفية التي تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار المزاجي:

  • الفقد والعزلة الاجتماعية يعتبر فقدان الأحباء (الزوج الأصدقاء الأقارب) من أبرز محفزات الاكتئاب وتقلبات المزاج كما أن العزلة الاجتماعية وانحسار الدائرة الاجتماعية هي عوامل خطورة رئيسية للمشاكل النفسية

  • فقدان الدور والاستقلالية يسبب التقاعد أو فقدان القدرة على العمل شعورا بفقدان الهوية والقيمة الذاتية بالإضافة إلى فقدان الاستقلالية والحركة بسبب تدهور الصحة الجسدية مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط والغضب

3 العوامل البيولوجية والجسدية:

  • الحالة الصحية العامة تشير الأبحاث إلى أن الأمراض الجسدية المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والآلام المستمرة يمكن أن تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في ظهور أعراض الاكتئاب وتقلبات المزاج

  • تأثير الأدوية يمكن أن تكون الآثار الجانبية لبعض الأدوية المتعددة التي يتناولها كبار السن سببا مباشرا في تغيير المزاج وزيادة القلق أو الاكتئاب

  • كيمياء الدماغ والهرمونات تحدث تغيرات طبيعية في مستويات الناقلات العصبية والهرمونات في الدماغ مع تقدم العمر والتي تلعب دورا حاسما في تنظيم الحالة المزاجية

العلاج والدعم استراتيجيات علماء النفس

يؤكد علماء النفس والأطباء النفسيون على أن العلاج الفعال لاضطرابات المزاج لدى كبار السن يتطلب منهجا شاملا يجمع بين التدخل الطبي والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي:

1 الدعم النفسي والعلاج السلوكي:

  • العلاج بالكلام (العلاج النفسي) يعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) والعلاج التفاعلي بين الأشخاص (IPT) من الأساليب الشائعة والفعالة يساعد هذا النوع من العلاج المسن على تحديد الأفكار والمشاعر والسلوكيات المزعجة وتغييرها وتوفير أدوات للتعامل مع التوتر وتغيرات الحياة

  • الاستماع والدعم الأسري وجود دعم مستمر من الأسرة والأصدقاء أمر بالغ الأهمية تشجيع المسن على التعبير عن مشاعره وإيجاد شخص يتحدث معه يمكن أن يخفف من شعوره بالإحباط والعزلة

2 التدخل الطبي:

  • مثبتات المزاج ومضادات الاكتئاب في حال تشخيص اضطراب مزاجي سريري (مثل الاكتئاب الحاد أو الاضطراب ثنائي القطب) يوصي الطبيب النفسي بالعلاج الدوائي مثل مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج ومع ذلك يجب أن يتم ذلك بحذر وتحت إشراف طبي دقيق نظرا لحساسية كبار السن للآثار الجانبية للأدوية

  • مراجعة الأدوية يجب مراجعة جميع الأدوية التي يتناولها المسن مع الطبيب للتأكد من عدم وجود تداخلات أو آثار جانبية تؤثر سلبا على المزاج

3 نمط الحياة والدعم الاجتماعي:

  • النشاط البدني والنظام الغذائي ممارسة التمارين الرياضية بانتظام (حسب القدرة) واتباع نظام غذائي متوازن ليسا مفيدين للصحة الجسدية فحسب بل يعملان أيضا على تحسين المزاج

  • الحفاظ على الروتين والنوم الحصول على قسط كاف من النوم وتطبيق روتين يومي منتظم يساعد في استقرار الحالة المزاجية

  • المشاركة الاجتماعية والأنشطة تشجيع المسن على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والهوايات وتجربة أنشطة جديدة و يدعم صحته النفسية ويحميه من العزلة

  • تقنيات الاسترخاء يمكن أن تساعد ممارسة تقنيات التنفس العميق والتأمل أو اليوغا في إدارة التوتر والقلق الذي يساهم في تقلبات المزاج

خلاصة القول:

إن تقلبات المزاج الشديدة لدى كبار السن هي إشارة تحذيرية لا ينبغي تجاهلها من خلال فهم الأسباب العميقة لها والتي تتراوح بين التغيرات البيولوجية إلى الاضطرابات النفسية وتحديات الحياة الكبرى يصبح من الممكن توفير الرعاية المناسبة إن الدعم العاطفي مع التدخل المهني من الأطباء وعلماء النفس يمثلان حجر الزاوية لمساعدة كبار السن على استعادة استقرارهم النفسي والاستمتاع بجودة حياة أفضل في سنواتهم المتقدمة


بقلم : فيصل بن احمد البقمي


إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع