د . ضيف الله مهدي
اليوم الجمعة الموافق ٢١ جمادى الآخرة ١٤٤٧هـ الموافق ١٢ ديسمبر ٢٠٢٥م ، وفي جامع الفقهاء بمحافظة بيش أدهشني فضيلة خطيب الجامع الشيخ الأستاذ حسن بن يحيى الأعجم حينما قدم خطبة في غاية الروعة والجمال والإبداع ، وكعادته الأسبوعية في كل جمعة يقدم أجمل ما عنده .. تحدث عن المرأة ومكانتها ودورها في الحياة ورفعة وتعزيز الإسلام لها مستدلا بآيات من الذكر الحكيم وأقوال سيد الأنبياء والمرسلين عليه وعليهم أفضل صلاة وأتم تسليم . وكما يقال لا عطر بعد عروس إلا أن معي عنبر ودهن عود وبقية من روائح جميلة احتفظت بها ذاكرتي عن المرأة .. المرأة شقيقة الرجل وخلقت منه وتساوت في الثواب والأجر مثله قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.
وقال تعالى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.
فتساوى الرجل والمرأة في الأخر في الأعمال الصالحة . والمرأة لها مكانتها وقيمتها منذ أن خلقها الله . نعم بعض المجتمعات عاملت المرأة معاملة سيئة ولكن المجتمع العربي لم يكن سيئا في معاملة المرأة قديما وحديثا ، والذين وأدوا النساء في المهد قلة قليلة وليست ظاهرة عمت المجتمع العربي ، بل كانت بلقيس ملكة في اليمن ، وهاجر أم إسماعيل عليهما السلام أميرة من أسرة مالكة ، وزنوبيا ملكة تدمر وأروى بنت أحمد ملكة في اليمن والخنساء رضي الله عنها أم الشهداء الأربعة في معركة القادسية كانت محكمة في سوق عكاظ وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها أكبر تاجرة في مجتمع مكة المكرمة ، وجاء الإسلام فأحدث انقلابا كبيرا في حالة النساء من ناحية إحياء حقوقهن الطبيعية ، وإحلالهن من المجتمع في المكان اللائق بهن ، فأصّل لبلوغ هذه الغاية أصولا .. ورفع مكانة المرأة وصانها من الفوضى والعبث ، وحماها من الاضطهاد والاستبداد الذي كان يلاحقها دائما ويسد في وجهها منافذ الحياة . وكانت الشعوب والديانات لها موقف من المرأة .. فمجتمع روما قد قرر أن المرأة كائن لا نفس له ، وأنها لن ترث الحياة الأخروية ، وأنها رجس يجب أن لا تأكل اللحم ، وأن لا تضحك وأن لا تتكلم ، بل وجعلوا على فمها قفلا ضخما هائلا 0وكان الفيلسوف الهندي ( مانو ) يقرر دائما أن المرأة تابعة لوالدها في طفولتها ، ولزوجها في شبابها ، فإذا مات زوجها تبعت أولادها ، وإذا لم يكن لها أبناء تبعت أقارب زوجها ، لأنه يجب أن لا تترك المرأة لنفسها بأي حال من الأحوال . وقال الفيلسوف الصيني ( كونفوشيوس ) : لا يجوز للمرأة أن تأمر وتنهي ، فإن عملها قاصر على الأشغال المنزلية ، ولا بد من احتجابها في البيت حتى لا يتعد خيرها وشرها عتبة الدار . وقال الفيلسوف الألماني ( هيجل ) : إن المرأة التي تضطرني إلى احترامها ما خلقت ولن تخلق. وكانت الديانة ( الهندوكية ) قد سدت أبواب التعليم في وجه المرأة .. أما الديانة البوذية فلم يكن فيها سبيل للنجاة لمن اتصل بامرأة .. أما النصرانية واليهودية فكانت المرأة فيها هي مصدر الإثم ومرجعه ، وكذلك اليونان .. وفي الجاهلية كانت المرأة تدفن وهي حية ( طفلة ) خوفا من العار وكذلك الفقر .. وقد ظل العلماء وزعماء الديانات يبحثون ويتناقشون على طول الزمن في تساؤل عجيب وغريب وهو : هل المرأة إنسان أو غير إنسان ؟ ! وهل حباها الله روحا أم لا ؟ـــ بئس هم أولئك العلماء والزعماء ــلكن الإسلام كرّم المرأة أمّا وأختا وزوجة وابنة وجدة وعمة وخالة ، وحفيدة ، وأختا من الرضاعة .. وصحيح أن الوضع قد تغير بالنسبة للمرأة في تلك الشعوب والديانات والحضارات ، ولكن ما يزال الإسلام وسيظل يتفوق على تلك الديانات والشعوب ، في تكريمه للمرأة . قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه.. )

